ليلة كروية مختلفة تترقّبها أعين العالم، حيث يبدأ دور الـ16 من كأس العالم للأندية 2025 بمواجهتين قد تُغيّران خريطة البطولة، وتحملان في طيّاتهما أكثر مما يُقال على الورق.
فعلى ملعب "مرسيدس بنز" في مدينة أتلانتا، ومع دقات السابعة مساءً بتوقيت القاهرة، تُقام مواجهة طال انتظارها، بين فريقين لا يجمع بينهما الكثير على مستوى التاريخ، لكن تربط بينهما خيوط مشاعر معقدة وذكريات لم تُمحَ بعد. أجواء اللقاء مشحونة، الجمهور يترقّب، والعدسات تركز على وجهٍ بعينه: ليونيل ميسي.
دون تصريحات نارية أو ضجيج إعلامي مبالغ فيه، دخل باريس سان جيرمان المواجهة وهو يحمل طموحًا أكبر من مجرد فوز، مدفوعًا بموسم تاريخي تُوّج فيه ببطولة أوروبا للمرة الأولى. الفريق الفرنسي بقيادة لويس إنريكي، يدخل اللقاء متسلحًا بتشكيلة متكاملة، تضم أسماءً بارزة من بينهم أشرف حكيمي، الذي يعيش واحدة من أفضل فتراته الفنية، والمهاجم كفاراتسخيليا، إلى جانب فيتينيا ورويز في الوسط، بينما لا تزال مشاركة عثمان ديمبيلي محل شك حتى اللحظة.
التأهل جاء عن جدارة، بعد تصدر المجموعة الثانية، رغم العثرة أمام بوتافوغو، لكن الفريق عاد واستعاد توازنه بثقة واضحة، أنهت الجدل حول استحقاقه لمقعد في هذا الدور.
على الطرف الآخر من الملعب، يقف إنتر ميامي... لكنّه لا يقف كخصم تقليدي. الفريق الأمريكي الذي شق طريقه من مجموعة صعبة ضمّت بالميراس، بورتو، والأهلي المصري، عاد من بعيد ونجح في حجز مكانه بين الكبار. ميسي، سواريز، وبوسكيتس يشكّلون نواة المشروع الفني، والمدرب ماسكيرانو يعلم أن المواجهة هذه المرة تتجاوز مجرد مباراة إقصائية.
لكن اللقاء يحمل ما هو أعمق. ميسي، الذي لعب بقميص باريس موسمين، يعود الآن في قميص مختلف، ليواجه مدربه السابق إنريكي في لحظة تتقاطع فيها الذكريات بالواقع. هل ستكون ليلة استعادة الذات؟ أم تأكيد اختيارات الماضي؟ تلك أسئلة لا يجيب عنها سوى أرض الملعب.
وفي ميامي، وفي توقيتٍ متأخر من الليلة ذاتها، تُقام مواجهة لا تقل إثارة، بل تُعيد إلى الأذهان الصراع الكروي القديم بين أوروبا وأمريكا الجنوبية، حين يلتقي بايرن ميونخ الألماني مع فلامينغو البرازيلي في مباراة أشبه بالنهائيات المبكرة.
الفريق البافاري، ورغم بدايته القوية، اضطر للقبول بالمركز الثاني في مجموعته بعد سقوط مفاجئ أمام بنفيكا، لكنه يظل أحد المرشحين بقوة للقب، خصوصًا مع عودة جمال موسيالا، وتألق هاري كين، في ظل وجود الحارس مانويل نوير وقائد الفريق توماس مولر الذي يخوض موسمه الأخير.
في المقابل، يدخل فلامينغو المواجهة متصدرًا لمجموعته بعد عروض قوية أمام الترجي وتشيلسي، ما منحه دفعة معنوية كبيرة. الفريق البرازيلي يبدو أكثر تماسكًا من نسخ سابقة، ويريد تكرار سيناريو 2019 حين وصل للنهائي أمام ليفربول.
الأعين كلها الآن تتجه إلى هذه الليلة الحاسمة. الصراع مفتوح على بطاقة التأهل إلى ربع النهائي، حيث يتقابل الفائز من مواجهة باريس وإنتر ميامي مع المنتصر في لقاء بايرن وفلامينغو، في مشهد قد يحمل مواجهة قارية لا تُنسى.
ميسي، باريس، إنريكي، كين، نوير، موسيالا، فلامينغو... أسماء كفيلة بتحويل البطولة إلى ملحمة عالمية، عنوانها: لا أحد آمن من المفاجآت.